الشيخ أبو الفتح. والخطب في كليهما سهل. فأحدهما إنه حذف من الكلام ما تدل عليه الحال وذاك إنه يريد شديد البعد من شرب الخمر ترنج الهند عندك وإذا حضرك. وحذف الظروف إذا دل عليها الكلام كثير. وأيضا فإن الألف واللام في ترنج الهند يغني عن هذا الشرح. وقد مضى مثل هذا في هذا الكتاب ألا ترى إلى قول القائل:

أبى القلب إلا أم عمر. . . الخ

يريد: أبى قلبي، فأغناه الألف واللام ومعرفة المخاطب عن ذكره قلب نفسه. وهذا باب لا يستقصى في هذا المكان. فكأن أبا الطيب يريد: ترنج الهند هذا الحاضر الذي يعرفه المخاطب.

والثاني قوله من شرب الخمر. وما كلف الشيخ أبا الفتح إيراد هذا الكلام الطويل، وتسنم هذه العقاب الشاقة من النحو في طلب المعنى غير هذا. ولو أنعم النظر لما عزب عنه هذا المقدار. ولكن ارتكب تفسيراً فسح له في ميدان الإعراب فركض فيه، ولم يلتفت إلى ما وراءه. وأنت تقول: أعجبني دق الثوب. وإن الدابة قضمت الشعير، وإنك أنت سمعت الخبر. فأضفت المصدر إلى المفعول. فإذا كان هذا جائز، جاز أن تقول: ترنج الهند بعيد عن شرب الخمر. يريد يشرب الناس عليه الخمر. كما إنك لو قلت: دار زيد بعيدة عن أكل الطعام لكان كلاماً جيداً ومعنى مفهوم وعلم أنك تريد عن أكل الناس الطعام فيها. وأيضاً فليس المحذوف مع هذا الشرح إلا قولك (عليه). إذ لو تأتي له الوزن أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015