وروى ابن عساكر عن كعب الأحبار: (أن آدم رآه مكتوبًا على ساق العرش، وفي السماوات، وعلى كل قصرٍ وغرفةٍ في الجنة، وعلى نحور الحور العين، وعلى ورق شجرة طوبى (?)، وسدرة المنتهى، وأطراف الحجب، وبين أعين الملائكة) (?).
ولم يُسمَّ أحد قبله به، لكن لما قَرُب زمنه صلى اللَّه عليه وسلم، ونشر أهل الكتاب نعته. . سمى قومٌ أولادَهم به رجاءَ النبوة لهم، واللَّه أعلم حيث يجعل رسالاته، وعِدَّتهم خمسة عشر كما بيَّنه بعض المحققين (?).
(عبدُهُ) قدَّمه امتثالًا لما في الحديث الصحيح: "ولكن قولوا: عبد اللَّه ورسوله" (?)؛ ولأنه أحب الأسماء إلى اللَّه سبحانه وتعالى وأرفعها إليه، ومن ثَمَّ وصفه اللَّه تعالى به في أشرف المقامات، فذكره في إنزال القرآن عليه في: {عَلَى عَبْدِنَا}، {أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ}، {نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ}، وفي مقام الدعوة إليه في: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ}، وفي مقام الإسراء والوحي إليه في: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ}، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)}، فلو كان له وصفٌ أشرف منه. . لذكره به في تلك المقامات العلية، ومن ثَمَّ خُير صلى اللَّه عليه وسلم بين أن يكون نبيًا ملكًا، أو نبيًا عبدًا، فاختار الثاني (?)، وسليمان عليه الصلاة والسلام سأل الأول (?)، فانظر بُعدَ ما بين المرتبتين.
وسبب أشرفية هذا الوصف: أن الألوهية والسيادة والربوبية إنما هي بالحقيقة للَّه سبحانه وتعالى لا غير، والعبودية بالحقيقة لمن دونه؛ ففي الوصف بها إشارةٌ أيُّ إشارةٍ إلى غاية كماله تعالى وتعاليه، واحتياج غيره إليه في سائر أحواله.
(ورسولُه) تفسيره كالنبي صلى اللَّه عليه وسلم بما يعلم منه أن بينهما عمومًا