والطاعة، والحال، والجزاء، ومنه: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، "كما تدين تدان" (?)، والسياسة، والرأي. ودان: عصى وأطاع، وذلَّ وعزَّ، فهو من الأضداد.
قيل: ولو قال: (ببيان). . كان أحسن؛ ليكون ذاكرًا للهداية وسببها، وليس في محله؛ لما تقرر أن الهداية هنا بمعنى الدلالة، وهي بيان الشرائع، فكيف يجعل ذلك البيان سببًا لها؟! فالصواب: ما فعله المصنف؛ لأنه من باب عطف الرديف؛ إيضاحًا وتنبيهًا على المراد.
(بالدلائل) متعلق بـ (بيان) جمع دليل، وهو لغةً: المرشد، واصطلاحًا: ما يمكن التوصُّل بصحيح النظر فيه إلى علمٍ أو ظنٍّ، نقليًا كان -وهو الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، ونحو الاستصحاب- أو عقليًا وهو البرهان الآتي.
(القطعية) وهي الأدلة المؤدية إلى العلم؛ للقطع بمقدماتها، نحو: كل إنسانٍ جسمٌ، وكل جسمٍ مركبٌ، فكل إنسانٍ مركب.
فإن قلت: أكثر أدلة الشريعة ظنيةٌ؛ لأن مقدماتها كذلك، نحو: الطمأنينة ركنٌ في الصلاة، وكل ركنٍ واجبٌ، والوضوء عبادةٌ، وكل عبادةٍ تُشترط لها النية، فكان ينبغي له حذف (القطعية).
قلت: إنما صارت ظنية بالنسبة إلينا، بخلافها بالنسبة لمن سمعها من النبي صلى اللَّه عليه وسلم؛ فإنها بالنسبة إليه قطعيةٌ، والكلام إنما هو في بيان الرسل للشرائع، وذلك جميعه قطعي.
ويصح أن يراد بدلائلهم معجزاتهم الدالة على صدقهم، وكلها قطعية؛ لاستفادتها من دليل مؤلَّفٍ من مقدمتين قطعيتين، نحو: الرسل جاؤوا بالمعجزات، وكل من جاء بالمعجزات صادق، فالرسل صادقون، أما الصغرى. . فضروريةٌ حسية، والكبرى ضروريةٌ عقلية؛ إذ المعجزة خارقةٌ للعادة، وخرقها لا يقدر عليه إلا اللَّه سبحانه وتعالى، وهو لا يؤيد بذلك كاذبًا، وقد أيَّدهم اللَّه بها، فلم يكونوا كاذبين، بل صادقين.