الحمد للَّه الفتاح العليم، المنعم على من شاء من عباده بالفتح المبين، والفهم المتين، سبحانه جلّ وعز، رافع درجات العلماء، والذين يخشونه من الأعلام النبلاء، اختصهم بالعلم وشرفهم بالعمل، فصرفوا هممهم العالية للاعتناء به، وكرسوا جهودهم لبيانه وحفظه، لتقوم بهم حجة اللَّه على خلقه.
والصلاة والسلام على منقذ البشرية من ظلمات الجاهلية، ومعلم الخير لسائر البشرية، وعلى آله الطاهرين، وصحابته المخبتين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن السنة النبوية هي المصدر الثاني من ينابيع التشريع الإسلامي، وهي المبينة للتنزيل الحكيم، المفصلة لأحكامه، لذلك فهي ملتحمة بالفرقان التحامًا يستعصي على الانفكاك.
وقد قيض اللَّه لها جهابذة موفقين، وأعلامًا عباقرة، فحفظوها من دسائس الوضع والتخليط، وبينوا مقاصدها، واستنبطوا أحكامها، ووضحوا مبانيها، وقربوا معانيها، وأَثْرَوا بذلك مكتبة الإسلام، وأدوا أمانة البيان والإعلام، فآضت المكتبة الإسلامية زاخرة بتلك الجواهر المتلألئة في سماء الإبداع، وعرضت أفكارهم مطالب الشرع العلية مرصعًا بحكمة التبيين، موشًى بفهم الراسخين، مطرزًا باستنباط الأتقياء المفلحين.
ومن هذه الأسفار كتاب "الفتح المبين شرح متن الأربعين النووية"، فإن مؤلفه العلامة المتفنن أحمد ابن حجر الهيتمي، سكب فيه من براعة التأليف وملاحة الترصيف ما أثلج به الصدور، وأنار به البصائر، وأودعه من نفائس الفوائد وعزيز