وكان يصوم النهار، ويقوم الليل، ويرغب عن غشيان النساء (?)، لازم أباه حتى توفي بمصر، ثم انتقل إلى الشام حتى مات يزيد، ثم انتقل لمكة ومات بها -وقيل: بالطائف، وقيل: بالشام، وقيل: بمصر- سنةَ خمس أو سبع أو تسع وستين عن اثنين وسبعين أو تسعين سنة، وقد عمي آخر عمره رضي اللَّه تعالى عنه.
(قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم) أي: إيمانًا كاملًا (حتى يكون هواه) بالقصر: ما يهواه؛ أي: ما تحبه نفسه وتميل إليه (?)، فحقيقته: شهوات النفوس، وهي ميلها إلى ما يلائمها، وإعراضها عمَّا ينافرها، مع أنه كثيرًا ما يكون عطبها في الملائم، وسلامتها في المنافر.
ثم المعروف في استعمال الهوى عند الإطلاق: أنه الميل إلى خلاف الحق؛ ومنه: {وَلَا تَتَّبعٍ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}، {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى الْنَّفْسَ عَنِ الْهَوَى}.
وقد يطلق بمعنى مطلق الميل والمحبة، فيشمل الميل للحق وغيره.
وبمعنى محبة الحق خاصة والانقياد إليه، ومنه ما في هذا الحديث، وقول عائشة رضي اللَّه تعالى عنها لمَّا نزل قوله تعالى: {تُرْجِى مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتَؤِىَ إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} للنبي صلى اللَّه عليه وسلم: (ما أرى ربك إلا يسارع في هواك) (?)، وقول عمر رضي اللَّه تعالى عنه في قصة المشاورة في أُسارى بدر: (فهَوِيَ رسول اللَّه صلى اللَّه