العمل ثوابًا وعقابًا؛ كالتنفيس بالتنفيس، والتيسير بالتيسير، والستر بالستر، والعون بالعون، والطريق بالطريق، ونظائر ذلك كثيرةٌ في أحكام الدنيا والآخرة، وكان قياس ذلك قطع فرج الزاني؛ إذ هو محل الجناية، لكن لما كان آلةً للتناسل الحافظ للنوع الإنساني. . كانت مراعاة بقائه أصلح.

وهذا مؤذنٌ بعظيم فضل السعي في طلب العلم، ويلزم منه عظيم فضل الاشتغال به، ودلائله أكثر من أن تحصر، وأظهر من أن تشهر.

ثم المراد بتسهيل تلك الطريق: تسهيل العلم الذي طلبه وتيسيره عليه؛ لأن العلم طريقٌ موصلٌ إلى الجنة، أو تسهيل الانتفاع به، والعمل بمقتضاه، فيكون سببًا لهدايته ودخول الجنة، أو تسهيل علومٍ أُخر توصله للجنة، ومنه: "مَنْ عمل بما علم. . أورثه اللَّه علم ما لم يعلم" (?).

أو تسهيل طريق الجنة الحسِّي يوم القيامة وهو الصراط وما قبله وما بعده من الأهوال؛ فإن العلم يدل على اللَّه تعالى من أقرب الطرق إليه، فمن سلك طريقه ولم يعرج عنه. . وصل إلى اللَّه تعالى وإلى الجنة من أقرب الطرق وأسهلها، فسهلت عليه الطرق الموصلة إلى الجنة في الدنيا والآخرة؛ إذ لا طريق إلى معرفته ورضاه إلا بالعلم النافع، وهو العلم باللَّه تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله المقتضي لخشيته وإجلاله ومحبته ورجائه.

وهذا أول علم يرفع كما قاله عبادة بن الصامت رضي اللَّه تعالى عنه (?)، وبعده يبقى علم اللسان حجة، فيتهاون الناس به حتى حملته، ثم يذهب هذا أيضًا، لكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015