وكذلك يحرم السوم على سوم غيره؛ كما في رواية مسلم (?)، والخِطبة على خِطبة الغير؛ كما في رواية "الصحيحين" (?) وكل ما في معنى ذلك مما ينفر القلوب ويورث التباغض إلا أن يرضى من له الحق؛ لأنه حقه فله تركه، ولزوال علة التنافر حينئذ.

والسوم المحرم: هو أن يزيد في الثمن بعد استقراره صريحًا، أو يعرض على المشتري أرخص منه، وتحريمه بعد البيع وقبل لزومه الذي هو البيع على البيع أو الشراء على الشراء كما تقرر. . أشد، وقولُ ابن كج من أصحابنا: يجوز ذلك إن رآه مغبونًا. . ضعيفٌ، والأوجه: الحرمة مطلقًا.

وبيعُ رجلٍ قبل اللزوم من المشتري عينًا مثل المشتراة بأقل. . كالبيع على البيع، وطلبها قبله أيضًا من المشتري بأكثر. . كالشراء على الشراء.

وشرطُ التحريم هنا وفي النجش: علمُ النهي، والبيع والشراء هنا صحيحٌ أيضًا وإن حرم؛ لأن التحريم لمعنًى خارجٍ عن الذات ولازمها نظير ما مر، وتجوز الزيادة في الثمن قبل استقراره.

(وكونوا عباد اللَّه) أي: يا عباد اللَّه (إخوانًا) أي: اكتسبوا ما تصيرون به إخوانًا مما سبق ذكره وغيره من فعل المؤلِّف، وترك المنفِّر بأن تتعاملوا وتتعاشروا معاملة الإخوة ومعاشرتهم في المودة، والرفق، والشفقة، والملاطفة، والتعاون في الخير، مع صفاء القلوب، والنصيحة بكل حال، فعُلم أن هذا كالتعليل لما قبله، وكأنه قال: إذا تركتم التحاسد وما بعده. . كنتم إخوانًا، وإلَّا. . كنتم أعداء.

وفي قوله: (عباد اللَّه) إشارة إلى أنكم عبيده، فحقكم أن تطيعوه بأن تكونوا كالإخوان فيما مر، ووجه طاعة اللَّه تعالى في كونهم إخوانًا: التعاضد على إقامة دينه وإظهار شعائره؛ إذ بدون ائتلاف القلوب لا يتمُّ ذلك؛ كما يفيده قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} الآيةَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015