وبعد أن تقرر هذا الحديث والكلام عليه فلنتكلم على ما أخذه أئمتنا منه، وهو القاعدة المشهورة: أن الضرر يزال، وينبني عليها كثيرٌ من أبواب الفقه، كالرد بالعيب، وجميع أنواع الخيار من إخلاف الوصف المشروط، والتغرير (?)، وإفلاس المشتري، وغير ذلك، والحجر بأنواعه، والشفعة؛ لأنها شُرِعت لدفع ضرر القسمة، والقصاص، والحدود، والكفارات، وضمان المتلف، ونصب الأئمة والقضاة، ودفع الصائل، وقتال المشركين والبغاة، وفسخ النكاح بالعيوب أو الإعسار والقسمة.

ومما يندرج في سلكها قول الشافعي رضي اللَّه تعالى عنه: إذا ضاق الأمر. . اتسع، وقد أجاب بها فيما إذا فقدت المرأة وليها في السفر فولَّت أمرها رجلًا يزوجها، وفي أنه هل يجوز الوضوء من أواني الخزف المعمولة بالسرجين؟ وفيما إذا جلس الذباب على غائطٍ ثم وقع على الثوب.

ولهم عكسها وهو: إذا اتسع الأمر. . ضاق؛ ككثير العمل في الصلاة؛ فإنه لما لم يُحْتَجْ إليه. . لم يسامح به، بخلاف قليله، فإنه لما اضطر إليه. . سومح به.

ويتعلق بقاعدة: أن الضرر يزال قواعدُ:

- الأولى: الضرورات تبيح المحظورات، بشرط عدم نقصها عنها، ومن ثم جاز أكل الميتة للمضطر، وإساغة اللقمة بالخمر، وغصب خيطٍ لخياطة جرحِ محترم، والتلفظ بكلمة الكفر، وإتلاف المال للإكراه، ودفع الصائل وإن أدَّى إلى قتله، ولو عمَّ الحرام قطرًا بحيث لم يوجد فيه حلالٌ إلا نادرًا. . جاز استعمال ما يحتاج له وإن زاد على قدر الضرورة، ولا يرتقي إلى التبسط وأكل الملاذ، قال ابن عبد السلام: (ومحله: حيث توقع معرفة صاحب المال، وإلَّا. . كان فيئًا للمصالح؛ لأن من جملة أموال بيت المال ما جُهِل مالكُه) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015