وشرعًا: ما أحدث على خلاف أمر الشارع ودليله الخاص أو العام.
(ضلالة) لأن الحق في ما جاء به الشرع، فما لا يرجع إليه يكون ضلالة؛ إذ ليس بعد الحق إلا الضلال، ومر في شرح (الخامس) الكلام على ذلك مستوفًى (?)، وأن المراد بالمحدَث الذي هو بدعة وضلالة: ما ليس له أصلٌ في الشرع، وإنما الحامل عليه مجرد الشهوة أو الإرادة، فهذا باطلٌ قطعًا، بخلاف محدَثٍ له أصلٌ في الشرع إما بحمل النظير على النظير، أو بغير ذلك؛ فإنه حسنٌ؛ إذ هو سنة الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين.
ومن ثم قال عمر رضي اللَّه تعالى عنه في التراويح: (نعمت البدعة هي) (?) فليس ذلك مذمومًا بمجرد لفظ: محدث، أو: بدعة؛ فإن القرآن باعتبار لفظه وإنزاله وصف بالمحدث أولَ (سورة الأنبياء) (?) وإنما منشأ الذم ما اقترن به من مخالفته للسنة ودعايته إلى الضلالة.
فالحاصل: أن البدعة منقسمةٌ إلى الأحكام الخمسة؛ لأنها إذا عرضت على القواعد الشرعية. . لم تخل عن واحدٍ من تلك الأحكام.
فمِنَ البدع الواجبة على الكفاية: الاشتغالُ بالعلوم العربية المتوقف عليها فهم الكتاب والسنة؛ كالنحو، والصرف، والمعاني، والبيان، واللغة -بخلاف العروض والقوافي ونحوهما (?) - وبالجرح والتعديل، وتمييز صحيح الأحاديث من سقيمها، وتدوين نحو الفقه وأصوله وآلاته، والرد على نحو القدرية، والجبرية، والمرجئة، والمجسِّمة، ومحل بسطه كتب أصول الدين؛ لأن حفظ الشريعة فرض كفايةٍ فيما زاد على المتعين؛ كما دلت عليه القواعد الشرعية، ولا يتأتى حفظها إلا بذلك؛ ولأن ما لا يتم الواجب المطلق إلا به. . واجبٌ.