الفواحش وحمله على البِرِّ والخير كما يمنع الإيمان صاحبه من ذلك (?).
فعلم أن أول الحياء وأولاه الحياء من اللَّه سبحانه وتعالى، وهو ألَّا يراك حيث نهاك، ولا يفقدك حيث أمرك، وأن كماله إنما ينشأ عن معرفته سبحانه وتعالى ومراقبته المعبر عنها بـ: "أن تعبد اللَّه كأنك تراه".
ومن ثَمَّ روى الترمذي أنه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "استحيوا من اللَّه حق الحياء" قالوا: إنا نستحيي والحمد للَّه، فقال: "ليس ذاك، ولكن الاستحياء من اللَّه حقَّ الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى (?)، وأن تذكر الموت والبِلى، فمن فعل ذلك. . فقد استحيى من اللَّه حق الحياء" (?).
وأهل المعرفة في ذلك يتفاوتون بحسب تفاوت أحوالهم، وقد جمع اللَّه سبحانه وتعالى لنبيه صلى اللَّه عليه وسلم كمال نَوْعيه، فكان في الحياء الغريزي أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها، وفي الكسبي واصلًا إلى أعلى غايته وذروتها.
(رواه البخاري) (?) وبما تقرر في شرحه يُعلم أن عليه مدار الإسلام، وبيانه: أن فعل الإنسان إما أن يُستحيى منه، أو لا، فالأول: الحرام، والمكروه، والثاني: الواجب، والمندوب، والمباح، فقد تضمن الأحكام الخمسة ولم يشذَّ عنه منها شيءٌ.
* * *