أي: فلا تعجزن أيها الإنسان إذا فرطت منك سيئة أن تُتبعها بحسنةٍ من نحو صلاةٍ، أو صدقةٍ وإن قلَّت، أو ذكرٍ؛ كالباقيات الصالحات: سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر؛ فإنهنَّ أحب الكلام إلى اللَّه تعالى، وكـ (سبحان اللَّه وبحمده، سبحان اللَّه العظيم) فإنهما حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان؛ ليزول عنك قبيح عارها، وتسلم من أليم نارها.

وورد أيضًا عند مسلم (?): "ما من رجلٍ يتطهر فيحسن الطّهور، ثم يَعْمِد إلى مسجدٍ من هذه المساجد إلا كتب اللَّه له بكل خطوةٍ يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجةً، ويحط عنه بها سيئة. . . " الحديث (?).

وأخرج أحمد وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث أبي بكر رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "ما من رجلٍ يذنب ذنبًا، ثم يقوم فيتطهر، ثم يصلي، ثم يستغفر اللَّه إلا غفر اللَّه تعالى له" ثم قرأ هذه الآية: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} (?).

وظاهر قوله: "تمحها" وقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} أنها تُمحى حقيقةً من الصحيفة، وقيل: عبَّر به عن ترك المؤاخدة، فهي موجودةٌ فيها بلا محوٍ إلى يوم القيامة، وهذا تجوُّز يحتاج لدليلٍ وإن نقله القرطبي في "تذكرته" (?).

وقال بعض المفسرين: إنه الصحيح عند المحققين، أما الكبيرة. . فلا يمحوها إلا التوبة بشروطها؛ وحينئذٍ يصح أن يراد بالسيئة الكبيرة أيضًا، وبالحسنة التوبة منها، ويؤيده: أن في طريقٍ مرسلٍ من طرق وصايا معاذٍ لمَّا بعثه إلى اليمن: "وإن أحدثت ذنبًا. . فأحدث عنده توبة، إن سرًا. . فسِرٌّ، وإن علانيةً. . فعلانيةٌ" (?).

ثم ظاهر النصوص أن التوبة الصحيحة بشروطها تكفر الذنب قطعًا، كما يقطع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015