الإحسان إليها بإحسان القتلة، وبالإطعام إن لم يجب قتلها فورًا؛ فقد قال صلى اللَّه عليه وسلم: " في كل كبدٍ رطبة أجرٌ" (?).
قيل: ويجوز أن تكون (على) على بابها، والمعنى: أنه سبق من اللَّه تعالى تعبُّدٌ لعبده بالإحسان على كل شيءٍ، حتى إذا ذبح بسكينٍ غيرِ كالَّةٍ. . لم يضيع اللَّه ذلك له. انتهى، ولم يظهر من هذا التقدير أنها على بابها؛ فإنها فيه بمعنى (في) أيضًا.
نعم؛ يصح في تقريره أن يقال: المعنى: أن اللَّه تعالى طلب من عبده الإحسان حال كونه مستعليًا منه على كل شيءٍ أراد إيصاله إليه، فعبَّر عن مزيد الإحسان وعمومه للمحسن إليه باستعلائه عليه مبالغة في طلب كماله.
ثم رأيت بعضهم قال في جعلها على بابها: والتقدير: كتب الإحسان في الولاية على كل شيء، وما ذكرته أبلغ وأنسب بسياق الحديث، فتأمله.
ويصح في تقدير كونها على بابها أن يقال: المراد: أنه تعالى أوجب على كل شيءٍ أن يكون محسنًا؛ أي: بحسب ما يناسبه، كالتسبيح من الجماد.
(فإذا قتلتم) إنما فرَّع صلى اللَّه عليه وسلم هذا والذي بعده على ما قبله، وخصَّهما بالذِّكر مع أن صور الإحسان لا تنحصر؛ لأنهما الغاية في إيذاء الحيوان، فإذا طلب الإحسان فيهما مع كونهما الغاية في الأَذى. . فما بالك بغير ذلك؟! فإنه أحرى أن يطلب فيه الإحسان.
أو أن سبب التخصيص رَدَّ ما كانت الجاهلية عليه من التمثيل في القتل بجاع الأنوف، وقطع الآذان والأيدي والأرجل، ومن الذبح بالمُدَى الكالَّة ونحوها مما يعذب الحيوان، ومن أكلهم المنخنقة وما ذكر معها في آية (المائدة) فنهى عن ذلك بقوله: (فأحسنوا القتلة) هي بكسر القاف: الهيئة والحالة، كالجِلسة، بخلافها بالفتح؛ فإنها المصدر، وأفاد الأمر وجوب إحسان ذلك في كل قتلٍ جائز، ذبحًا كان، أو قَوَدًا، أو حدًّا، أو غيره، فيكون بآلةٍ غير كالَّةٍ، مع السرعة وعدم قصد