(خيرًا) قال الشافعي رضي اللَّه تعالى عنه: (لكن بعد أن يتفكر فيما يريد أن يتكلم به، فإذا ظهر له أنه خيرٌ محقَّقٌ لا يترتب عليه مفسدة، ولا يجر إلى كلامٍ محرمٍ أو مكروهٍ. . أتى به) (?).
(أو ليصمت) من (صمت، وأَصمَت) بمعناه، (يصمُت) بضم الميم، قاله المصنف رحمه اللَّه تعالى (?)، واعترض بأن المسموع والقياس كسرها؛ إذ قياس (فعَل) المفتوح العين (يفعِل) بكسرها، و (يفعُل) بضمها دخيلٌ فيه، كما نصَّ عليه ابن جنِّي، وإنما يتجه ذلك إن سبرت كتبُ اللغة فلم يُرَ ما قاله، وإلَّا. . فهو حجةٌ في النقل، وهو لم يقل هذا قياسًا حتى يعترض بما ذكر، وإنما قاله نقلًا كما هو ظاهرٌ من كلامه، فوجب قبوله؛ أي: ليسكت إن لم يظهر له ذلك، فيسن له الصمت حتى عن المباح؛ لأنه ربما أدَّى إلى محرَّمٍ أو مكروهٍ، وعلى فرض ألَّا يؤدي إليهما، ففيه ضياع الوقت فيما لا يعني، وقد مر: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" (?).
واختلفوا في قوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ} الآيةَ، فقيل: يشمل المباح فيكتب، وهو ظاهر الآية، وقيل: لا يكتب إلا ما فيه ثوابٌ أو عقابٌ، وإليه ذهب ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما وغيره (?).
وورد أن في صحف إبراهيم على نبينا وعليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين أفضل الصلاة والسلام: "وعلى العبد أن يكون بصيرًا بزمانه، مقبلًا على شأنه، حافظًا للسانه، ومن حسب كلامه من عمله. . قلَّ كلامه إلا فيما يعنيه" (?) وترك فضول الكلام مما لا يعني.