لخبر: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل" (?)؛ ولأنه استحثاثٌ للقدرة، وهو سوء أدب.
وقد تأتي (أنى) لتعميم الأحوال والمكان والزمان، ومنه: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} أي: محل الولد المشبه بمحل الحرث {أَنَّى شِئْتُمْ} أي: كيف ومتى وحيث شئتم، لا يحظر عليكم في حالةٍ إلا ما استُثني شرعًا؛ كحيض أو وطء شبهة (?)، ولا في جهة، بل لكم إتيانهنَّ من أيِّ جهةٍ حيث كان محل الولد هو المأتيَّ.
(رواه مسلم) من رواية فضيل بن مرزوق، وهو ثقةٌ وسطٌ وإن لم يخرج له البخاري، ولا يقدح فيه قول الترمذي: حسن غريب (?).
وهو من الأحاديث التي عليها قواعد الإسلام، ومباني الأحكام، وعليه العمدة في تناول الحلال وتجنُّب الحرام، وما أعم نفعه وأعظمه!
وممَّا تضمنه: بيان حكم الدعاء، وشرطه الأهم، ومانعه؛ و"الدعاء -كما ورد- مخ العبادة" (?)؛ لأن الداعي إنما يدعو اللَّه عند انقطاع أمله مما سواه، وذلك حقيقة التوحيد والإخلاص، ولا عبادة فوقهما، فكان مخ العبادة من هذه الحيثية.
واستفيد من الحديث الحث على الإنفاق من الحلال، والنهي عن الإنفاق من غيره، وأن المأكول والمشروب والملبوس ونحوها ينبغي أن يكون حلالًا محضًا، وأن مريد الدعاء أَولى بالاعتناء بذلك مَنْ غيره، وأن مَنْ أراد الدعاء أو عبادةً غيره. . لزمه أن يعتني بالحلال في جميع ذلك حتى يُقبَل دعاؤه وعبادته، وأن المؤمن إنما يقبل منه إنفاقُ الطيِّب، فيزكو وينمو، ويبارك فيه.
* * *