قحوط المطر، فقال: "اجثوا على الرُّكَب وقولوا: يا رب، يا رب" ففعلوا فسُقُوا (?)؛ ولأجل ذلك كان غالب أدعية القرآن مفتتحًا بذكر الرب.
(ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذي) بضم أوله المعجم، وكسر ثانيه المعجم المخفف (بالحرام) أحوال؛ أي: أنه يطيل السفر في القُرَب، ويمد يديه إلى ربه يسأل منه، والحال أنه ملابسٌ للحرام أكلًا وغيره (فأنَّى يُستجاب لذلك) أي: فكيف، ومن أين يستجاب لمن هذه صفته، فهو استبعادٌ لإجابة دعائه، مع قبيح ماهو متلبِّسٌ به؛ لأنه ليس أهلًا لها حينئذ لاتصافه بقبيح المخالفات، وليس إحالة لها؛ لإمكانها مع ذلك تفضُّلًا وإنعامًا، فعُلم أن اجتناب الحرام في جميع ذلك شرطٌ لإجابة الدعاء، وأن تناوله مانعٌ لها غالبًا (?).
وسرُّه: أن مبدأ إرادة الدعاء القلبُ، ثم تفيض تلك الإرادة على اللسان، فينطق به، وتناوُلُ الحرام مفسدٌ للقلب كما هو مُدرَكٌ بالوجدان، فيحرم الرِّقةَ والإخلاص، وتصير أعماله صورًا لا روح فيها، وبفساده يفسد البدن كلُّه كما مر، فيكون الدعاء فاسدًا؛ لأنه نتيجة فاسد.
وأخرج الطبراني بإسنادٍ فيه نظرٌ عن ابن عباسٍ رضي اللَّه تعالى عنهما قال: تُلِيَتْ عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم هذه الآيةُ: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} فقام سعد بن أبي وقاصٍ وقال: يا رسول اللَّه؛ ادع اللَّه أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال له النبي صلى اللَّه عليه وسلم: "يا سعد؛ أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده؛ إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يومًا، وأيما عبد نبت لحمه من سحتٍ. . فالنار أَولى به" (?).
ومن ثَمَّ قيل له: لِمَ تستجابُ دعوتُك من دون الصحابة؟ فقال: (ما رفعت إلى