وفسره أحمد مرة باختلاط الحلال والحرام، وحكم هذا أنه يخرج قدر الحرام، ويأكل الباقي عند كثيرين من العلماء، سواء أقل الحرام أم أكثر.
ومن المشتبه معاملة مَنْ في ماله حرام؛ فالورع تركها مطلقًا وإن جازت، وقيل -واعتمده الغزالي-: إن كان أكثر ماله الحرام. . حرمت معاملته (?).
ثم الحصر في الثلاثة صحيحٌ؛ لأنه إن نُصَّ أو أُجمِع على الفعل. . فالحلال، أو على المنع جازمًا. . فالحرام، أو سُكِت عنه أو تعارض فيه نصَّان ولم يعلم المتأخر منهما. . فالمشتبه، ولكونه أشكل الثلاثة مسَّتِ الحاجة إلى مزيد بيانه وإيضاحه، فنقول:
علم مما مر: أن الحلال المطلق: ما انتفى عن ذاته الصفات المحرِّمة، وعن أسبابه ما يجر إلى خللٍ فيه.
ومنه: صيدٌ احتُمِل أنه صِيدَ وانفلت من صائده (?)، ومُعارٌ احتُمِل موت المعير وانتقاله إلى ورثته (?)، وليس هذا مشتبهًا، فلا ورع في العمل بذلك الاحتمال؛ لأنه هَوَسٌ؛ لعدم اعتضاده بشيء، مع أن الأصل: عدمه، وإنما المشتبه: الذي يتجاذبه سببان متعارضان يؤديان إلى وقوع التردُّد في حلِّه وحرمته كما مر.
وأن الحرام: ما في ذاته صفةٌ محرمةٌ كالإسكار، أو في سببه ما يجر إليه خللًا كالبيع الفاسد.