(وفي روايةٍ لمسلم: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا) أي: حكمنا وإذننا، بخلاف غيره مما مر، ومن ثَمَّ سُرَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بأخذ خالد رضي اللَّه تعالى عنه اللواء في مؤتة مع عدم أمره له، ومدحه على ذلك؛ لأنه من المصالح العامة، وهي لا تتوقف على أمرٍ بها بخصوصها، وكذا يقال في كل تخصيصٍ لدليلٍ عامٍّ بدليلٍ خاص أو عام؛ لأنه حينئذ عليه أمر الشرع، بخلافه لغير دليل.
ومدح صلى اللَّه عليه وسلم بلالًا على صلاته ركعتين كلَّما توضأ (?)، مع أنه لم يأخذهما عنه صلى اللَّه عليه وسلم نصًا، بل استنباطًا من الأمر بمطلق الصلاة.
(فهو رد) أي: مردودٌ عليه، وإن لم يكن هو المحدِث له، فاستُفيد منها زيادة على ما مر، وهي الرد لِمَا قد يحتج به بعض المبتدعة من أنه لم يخترِع، وإنما المخترع مَن سبقه، ويحتج بالرواية الأولى، فيرد عليه بهذه الصريحة في رد المحدثات المخالفة للشريعة بالطريقة التي قدمناها، سواء أحدثها الفاعل، أو سُبِق بإحداثها.
وفي الحديث دلالةٌ للقاعدة الأصولية: أن مطلق النهي يقتضي الفساد؛ لأن المنهي عنه مخترعٌ محدثٌ، وقد حُكم عليه بالرد المستلزم للفساد، وزَعْمُ أن القواعد الكلية لا تثبت بخبر الآحاد. . باطلٌ لا يُعوَّل عليه.
وفيه أيضًا: دلالة على عدم انعقاد العقود الممنوعة، وعدم ترتُّب أثرها عليه (?).
* * *