علقة، ثم تظهر الأعضاء، ويتنحى بعضها عن مماسَّة بعض، وتمتد رطوبة النخاع، ثم بعد تسعة أيام ينفصل الرأسُ عن المنكبين، والأطرافُ عن الأصابع.
قالوا: وأقل مدة يتصور الذكر فيها ثلاثون يومًا، والزمان المعتدل في تصور الجنين خمسةٌ وثلاثون يومًا، وقد يتصور في خمسةٍ وأربعين يومًا.
وأجاب بعضهم بجوابٍ آخر غير ما قدمناه، فحَمَلَ حديثَ المتن على أن الجنين يغلب عليه في الأربعين الأُولى وصفُ المني، وفي الأربعين الثَّانية وصفُ العلقة، وفي الثالثة وصفُ المضغة وإن كانتْ خِلْقته قد تمَّت وتمَّ تصويره.
وفي روايةٍ في سندها السدي -وهو مختلفٌ في توثيقه- عن ابن مسعود وجماعة من الصّحابة رضي اللَّه عنهم: أن التصوير لا يكون قبل ثمانين يومًا (?)، وبه أخذ طوائف من الفقهاء، وقالوا: أقل ما يتبيَّن فيه خَلْق الولد أحدٌ وثمانون يومًا؛ لأنَّه لا يكون مضغة إلَّا في الأربعين الثالثة (?)، ولا يتخلَّق قبل أن يكون مضغة.
قال لزوجته: إن كنت حاملًا فأنت طالق، فولدت لدون ستة أشهر من التعليق. . طلقت، سواء كان يطؤها أم لا؛ لتحقق الحمل حينئذ عند التعليق؛ لأن أقل مدته ستة أشهر، ونازع ابن الرفعة فيما إذا كان يطؤها بأن كمال الولد ونفخ الروح فيه يكون بعد أربعة أشهر؛ كما يشهد به الخبر، فإذا أتت به لخمسة أشهر مثلًا. . احتمل العلوق به بعد التعليق، قال: والستة إنما هي معتبرةٌ لحياة الولد غالبًا.
وأجاب عنه أبو زرعة بأن الخبر ليس فيه أن النفخ يكون عقب الأربعة، فإن لفظه: "ثم يأمر اللَّه الملك، فينفخ فيه الروح" و (ثم) تدل على تراخي أمر اللَّه بذلك، ومدته مجهولةٌ، لكن لما استنبط الفقهاء من القرآن -أي: من آية: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} مع آية: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} - أن أقلَّ مدة الحمل