وبالتصرف فيها بهذه الأفعال، وإلَّا. . فقد صرح في الحديث بأنه موكلٌ بالرحم، وأنه يقول: يا رب؛ نطفة. . . إلخ) (?).
(فينفخ فيه الروح) هو ما يحيا به الإنسان، وهو من أمر اللَّه تعالى كما أخبر (?)، والخلاف في تحقيقه طويلٌ، ولفظه مشتركٌ بين عدة معانٍ، قال القاضي عياض وأقره المصنف وغيره: (وظاهر الحديث: أن الملك ينفخ الروح في المضغة، وليس مرادًا، بل إنما ينفخ فيها بعد أن تتشكَّل بشكل ابن آدم، وتتصوَّر بصورته؛ كما قال اللَّه تعالى: {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} (?) أي: بنفخ الروح فيه.
ولك أن تقول: ليس ظاهره ذلك، وإنَّما ظاهره: أن الإرسال بعد الأربعين الثالثة المنقضي اسم المضغة بانقضائها، وتلك البَعْدية لم تُحدَّد، فيحتمل أنه بعد الأربعين الثالثة يصور في زمنٍ يسيرٍ، وبعد تصويره يُرسل الملك لنفخ الروح.
ثم رأيت القرطبي في "المفهم" صرَّح بما ذكرته من أن التصوير إنَّما هو في الأربعين الرابعة (?)، ثم كون التصوير في الأربعين الثالثة أو بعدها -على ما تقرر- ينافيه ما في رواياتٍ أُخر أنه عقب الأربعين الأُولى.
وأجاب القاضي عياض بأن هذه الروايات ليست على ظاهرها، بل المراد: أنه يكتب ذلك ويفعله في وقتٍ آخر؛ لأن التصوير عقب الأربعين الأُولى غير موجودٍ عادةً، وإنَّما يقع في الأربعين الثالثة مدةِ المضغة (?)، كما نصَّت عليه الآية المذكورة: {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا} (?)، وفيه نظر وإن أقره المصنف وغيره عليه؛ فإنَّ مجرد التصوير لا يستدعي خلق العظام، فلا دليل في الآية لما ذكره.
وحينئذٍ يمكن أن يجمع بأنه عقب الأربعين الأُولى يُرسل الملك لتصوير تلك العلقة