الوجه الآخر، ويحتمل أنه كان سمعه بالوجهين، ثم لما ردَّ عليه الرجل. . نسي الوجه الذي رده فأنكره).

قال: (وأما قول ابن الصلاح: محافظته على ما سمعه، ونهيه عن عكسه حجةٌ لكون الواو للترتيب، وهو مذهب كثيرٍ من فقهاء شافعيين وشذوذٍ نحويين، وعلى مقابله الأصح إنما أنكر؛ لأن رمضان فُرِض في شعبان في السنة الثانية، والحج فُرِض سنة ستٍّ أو تسع، فرُتِّبا ذكرًا لترتيبهما فرضًا، ورواية تقديم الحج كأنها صدرت ممن يرى الرواية بالمعنى، فقدَّم وأخَّر نظرًا إلى جواز تأخير الأول، والأهم في الذكر. . فضعيفٌ؛ لِمَا مر من صحة الأمرين روايةً ومعنًى من غير تنافٍ بينهما، فلا يجوز إبطال إحداهما، ولأن فتح باب احتمال التقديم والتأخير في مثل هذا قدح في الرواة والروايات؛ إذ لو فُتح ذلك. . لم نثق بشيءٍ منها إلا القليل، وهو باطلٌ؛ لما فيه من المفاسد، وتعلُّقِ مَنْ يتعلق به ممن في قلبه مرض) انتهى ملخصًا (?).

وهو ظاهرٌ جليٌّ، وتعجَّبَ بعض الشارحين من إنكاره احتمال التقديم والتأخير، واعترضه بما حاصله: نص العلماء على وقوعه في القرآن صريحًا أو احتمالًا؛ نحو: {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} إذ الأصل: أحوى غثاء؛ إذ الأحوى: الأخضر الضارب إلى سواد، والغثاء: اليابس المتفتت، وساق آياتٍ كثيرةً أُخر؛ منها: {الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} الآيةَ، ففيها تقديمٌ وتأخير؛ لاقتضاء نظمها أن السفر والمرض حدثان، وتقديرها: إذا قمتم إلى الصلاة، أو جاء أحدٌ منكم من الغائط، أو لامستم النساء. . فاغسلوا وامسحوا ما ذُكِر، فإن كنتم جنبًا. . فاطَّهروا، وإن كنتم مرضى أو على سفرٍ فلم تجدوا ماءً. . فتيمموا. . . إلخ.

{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} ظاهرها: اشتراط العَود أيضًا في الكفارة، فيؤخر: {ثُمَّ يَعُودُونَ} عن: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}.

{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} الآيةَ، فيه ذلك؛ أي: له معقباتٌ من أمر اللَّه، يحفظونه من بين يديه ومن خلفه فوق اثنتين؛ أي: اثنتين فما فوق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015