قال جابر: (ما منَّا إلا من نال من الدنيا ونالت منه إلا عمر وابنه) (?).
وأُولع بالحج أيام الفتنة وبعدها، وكان من أعلم الناس بالمناسك، وكثيرَ الصدقة، سيما بما يستحسنه من ماله، ولمَّا عرفت أرقاؤه منه ذلك. . كانوا يقبلون على الطاعة ويلازمون المسجد؛ ليعتقهم، فقيل له: إنهم يخدعونك، فقال: (مَنْ خدعنا باللَّه انخدعنا له) (?)، قال نافع: أعتق ألف رقبةٍ أو أَزْيد.
قيل: وحج ستين حجة، واعتمر ألف عمرة، وحمل على ألف فرسٍ في سبيل اللَّه تعالى.
مات عن ستٍّ وثمانين سنة، وأفتى في الإسلام ستين سنة، توفي بمكة سنة ثلاث وسبعين شهيدًا، فإن الحجَّاج سفِهَ عليه، فقال له عبد اللَّه: (إنك سفيهٌ مسلَّطٌ)، فعَزَّ ذلك عليه، فأمر رجلًا فسمَّ زُجَّ رمحه (?)، فزحمه في الطواف ووضع الزُّج على قدمه، فمرض أيامًا، ولما دخل الحجَّاج ليعوده فسأله عن الفاعل وقال: قتلني اللَّه إن لم أقتله. . قال: (لستَ بفاعل)، قال: ولِمَ؟ قال: (لأنك الذي أمرتَ به) (?)، فأوصى أن يدفن في الحِلِّ، فلم تنفذ هذه الوصية، فدفن بذي طُوى في مقبرة المهاجرين، وقيل: بفَخٍّ.
روي له عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم ألف حديثٍ وست مئةٍ وثلاثون حديثًا، اتفق الشيخان منها على مئة وسبعين، وانفرد البخاري بثمانين، ومسلمٌ بأحد وثلاثين.
(قال: سمعت رسول اللَّه) وفي نسخة: النبي (صلى اللَّه عليه وسلم يقول: بُني الإسلام) أي: أُسِّس، واستعمال البناء الموضوع للمحسوسات في المعاني مجازٌ، علاقته المشابهة، شبَّه الإسلامَ ببناءٍ عظيمٍ مُحكَمٍ، وأركانَهُ الآتية بقواعد ثابتةٍ محكمةٍ حاملةٍ لذلك البناء، فتشبيه الإسلام بالبناء استعارةٌ بالكناية، وإثبات البناء له استعارة ترشيحية.