ومعنى: {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} بعد قوله: {بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} أي: يا أيها الذي اسمه يحيى.
ثم المغايرة بينهما ذاتيةٌ، فالاسم: الموضوع للذات تعريفًا أو تخصيصًا، والمسمَّى: الموضوع له، والتسمية: الوضع، والمسمِّي -بكسر الميم-: الواضع، والوضع: تخصيص لفظٍ بمعنًى بحيث إذا أُطلق ذلك اللفظ. . فُهم ذلك المعنى.
(قال: فأخبرني عن الساعة) (?) أي: عن زمن وجود يوم القيامة، سُمِّي بها مع طول زمنه اعتبارًا بأول أزمنته؛ فإنها تقوم بغتةً في ساعة، حتى إن من تناول لقمةً لا يمهل حتى يبتلعها: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}.
وهي لغة: قطعةُ زمنٍ غير معينٍ ولا محدودٍ، وفي اصطلاح المؤقتِين ونحوهم: جزءٌ من أربعةٍ وعشرين جزءًا من الليل والنهار.
(قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل) أي: بل كلانا سواء في عدم علم زمن وجودها: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}، {إنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا}، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} الآيات.
وفي "الصحيح": "مفاتيح الغيب خمسٌ لا يعلمهنَّ إلا اللَّه" وتلا: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} الآيةَ (?)، وروى أحمد "أُوتيت مفاتيح كل شيءٍ إلا الخمس: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} الآيةَ (?).
ففيه أنه ينبغي للمفتي والعالم وغيرهما إذا سُئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم، وأن ذلك لا ينقصه، بل يُستدل به على ورعه وتقواه ووفور علمه، ومن ثَمَّ قال علي كرم اللَّه وجهه: (وابَرْدها على كبدي؛ إذا سئلتُ عما لا أعلم أن أقول: لا أعلم) (?).