مستأنفٌ؛ لأن الأولى من جنس مقدور العبدا؛ لجواز أن يوجد وألَّا يوجد، بخلاف الثاني؛ فإنه سبحانه وتعالى يرى الكائنات جملةً وتفصيلًا على الدوام، لا يشذُّ عن نظره شيءٌ في وقتٍ من الأوقات. اهـ
وجوابه: يعلم مما قررته في معناه من أن المطلوب به (?) استحضار أنه بين يدي الحق بمرأىً منه ومسمعٍ؛ ليكسبه ذلك غاية الكمال في عباداته، والإعراض عن عاداته، واستحضارُ ذلك مقدور للعبد ومكملٌ له فكُلِّف به، ولا يلزم من نظر اللَّه سبحانه وتعالى للعبد وأحواله أن العبد يستحضر ذلك، فظهر أنه من تتمة الجواب، وأنه ليس أمرًا مستأنفًا وإن تتابع على تلك المقالة جماعةٌ من الشُّراح.
ثم رأيت بعضهم قال: إنه تعليلٌ لما في قبله؛ فإن العبد إذا أُمِرَ بمراقبة اللَّه سبحانه وتعالى في عبادته واستحضار قربه منه حتى كأنه يراه. . شقَّ عليه ذلك، فيستعين عليه بإيمانه بأن اللَّه سبحانه وتعالى مطلع عليه لا يخفى عليه منه شيءٌ؛ ليسهل عليه الانتقال إلى ذلك المقام الأكمل، الذي هو مقام الشهود الأكبر.
ومن البعيد وَقفُ بعض الصوفية على (تراه) الثاني (?)؛ لظنهم أن المراد: أنك إذا فنيت عن نفسك فلم ترها شيئًا. . شاهدت ربك؛ لأنها الحجاب بينك وبين شهوده، والمعنى وإن صح إلا أن لفظ الحديث لا ينطبق عليه، فتنزيله عليه جهل من قائله بقواعد العربية وأساليبها (?).
قيل: وفي الحديث دلالةٌ على أن رؤيته سبحانه وتعالى في الدنيا ممكنةٌ عقلًا؛ لأن