ومعلوم أن من كان يبصر بالله- سبحانه-، ويسمع به، ويبطش به، ويمشط به له حال يخالف حال من لم يكن كذلك، لأنها ينكشف له الأمور كما هي، وهذا هو سيد ما مخلى عنهم صت المكاشفة، لأنه قد ارتفع عنهم حجب الذنوب، وذهب عنهم أدران [2 أ] المعاصي. وغيرهم ممن لا يبصر بالله، ولا يسمع به، ولا يبطش به، ولا يمشي به لا يدرك من ذلك شيئا بل هو محجوب عن الحقائق، غير مهتد إلى مستقيم الطرائق كما قال الشاعر:

وكيف ترى ليلى بعين ترى بها ... سواها وما ظهرها بالمدامع

ويلتذ منها بالحديث وقد جرى ... حديث سواها في خروت المسامع

أجلك يا ليلى عن العن إنما ... أراك بقلب خاشع لك خاضع

وأما من صفى عن المكدر، وسمع وأبصر فهو كما قال الآخر:

الآن وادي الجزع أضحى ترابه ... من المس كافورا وأعواده زبدا

وما ذاك إلا أن هند عشية ... تمشت وجرت في جوانبه بردا

ومما يدل على هذا المعنى الذي أفاده حديث أبي هريرة حديث: " اتقوا فراسة المؤمن، فإنه يرى بنور الله " وهو حديث صححه الترمذي (?)، فإنه أفاد أن المؤمنين من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015