أما منهج الإمام الشوكاني في الإيمان بالقدر، فلا بد من استعراض آرائه في مسائل القدر، ليتبين لنا منهجه الذي سلكه:
1 - أفعال الله تعالى وأفعال العباد:
يذهب الإمام الشوكاني كأهل السنة والجماعة إلى أن الله سبحانه وتعالى فاعل مختار، يتصرف في ملكه كيف يشاء بمقتضى مشيئته وحكمته، (لأنه خالق الخلق وموجده من العدم، فهو حقه وملكه، يتصرف به كيف يشاء، كما يتصرف العباد في أملاكهم من غير حرج عليهم، فإن مالك العبد أو الأمة إذا أراد أن يتصرف بهما ويخرجهما عن ملكه لم تنكر العقول ذلك، ولا تأباه العادات الجارية بين العباد، فكيف تصرف الرب بمخلوقاته، فإنه المالك للعبد وسيده، ولما في الأرضين والسماوات من العالم الذي خلقه، وشق سمعه وبصره، ورزقه، ومن عليه بالنعم إلى لا يقدر على شيء منها إلا هو، تعالت قدرته وتقدس اسمه)) (?).
قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص:68].
وقال تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:23].
قال الشوكاني: ((أي أنه سبحانه لقوة سلطانه، وعظيم جلاله، لا يسأله أحد من خلقه عن شيء من قضائه وقدره (وهم) أي: العباد (يُسألون) عما يفعلون، أي يسألهم الله عن ذلك لأنهم عبيده)) (?).
أما ما يتعلق بأفعال العباد، فقد ذهب الشوكاني مقررا لمذهب السلف إلى أن جميع أفعال العباد، خيرها وشرها، مخلوقة خلقها الله عز وجل في الفاعلين لها، ((لأن الله خالق كل شيء من الأشياء الموجودة في الدنيا والآخرة، كائنا ما كان من غير فرق بين