تعلُّقَ التصرفِ والتدبيرِ، غيرُ متصلٍ به. وعلى هذا اتفق أهل هذا الفنِّ ومن وافَقَهم من الحكماء، ومن أهل علم اللطيفِ المجعولِ مقدمةً لكثير من العلوم.
فتقرَّر بهذا أنه لا يصح أن يكون أصلاً في ما تركبت منه الذات، وإن أرادوا الثالث: فيقال لهم: ما الذات التي كان هذا الذاتي جزءًا مفهومًا؟ فإنا قد علمنا اتفاق أهل المعقولِ على انحصار الموجوداتِ الحادثة في الجواهر والأعراضِ، وعلمنا اتفاقَهم على أن الجواهر هو ماهيةٌ ما إذا وجدت كانت لا في موضوع، وعلى أن العَرَضَ هو ماهية ما إذا وجدت كانت في موضوع فما هي هذه الذات التي جعلتْه الذاتي هو ما كان جزءًا لمفهومِها؟ فإن قالوا: إن علمهم هذا هو إنما هو في الكلام على الكليَّاتِ [1أ]، ولا يتكلمون على الأمور المتشخصة بوجه من الوجوه.
قلنا: فَمِنْ أين عرفتم أن بعض المتعلِّقاتِ بذلك الكلي ذاتيِ له، وبعضها عَرَضيٌّ له؟ وما الذي استفدتم منه هذا حتى جعلتم النطق ذاتيًّا لتلك الماهية الكلية دون ما يشارُكُه في كونه في كونه ماهيةً ما إذا وجدت كانت في موضوعٍ؟ مع أن هذا الحدَّ الذي اتفقتم عليه في كونه مفهومَ العرضِ يصدقُ على النطق الذي جعلتموه ذاتيًّا كما يصدق على الخاصَّة والعَرَضِ العامِّ.
وبهذا يتقرر لك أنَّ جَعْلَ بعض المتعلقاتِ ذاتيًّا وبعضِها عرضيًّا، وإدخالَ النطقِ في الذاتياتِ مجرَّدُ دعوى لم يقم عليها برهانٌ، (?) مع كونهم زاعمينَ أن هذا العلم هو الذي