قال ـ كثر الله فوائده ـ: وظن شيخُنا ... إلخ.
أقول: لا أدري من أين استفادَ هذا الظنَّ فالكلامُ منقول عن الغير كما يفيدُه قولي في آخره ... انتهى.
قال ـ عافاه الله ـ أقول بل قد عينَه النبيُّ ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ بصريح قولِه: «سيحانَ وجيحانَ».
أقول: فرقٌ بين تسميةِ الشيء وتعيينِ مكانهِ، فالأول وقع من النبي ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ في سيحان وجيحانَ. والثاني: وقع من المفسرين لكلامِه، فقالوا: إنه في مكان كذا فهذا هو المرادُ بالتعيين، فكيف قال قد عيَّنه النبيُّ ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ! ولا شكَّ أن التعيينَ المرادَ هنا هو أخصُّ من التعيين الحاصلِ بالاسم، وهذا لا يخفى علي مثلِه ـ زاد الله في أهل العلم من أمثاله ـ فإن المشخصاتِ قد تكون بحيثُ تفيدُ تعيينًا ما أعنى بوجهٍ من الوجوه وقد تكون بحيثُ تقيدُ تعيينًا لكل وجه، وقد تكون بحيث يفيد بعضُها ما لا يفيده الآخرُ، ولكل منها مدخلٌ في التشخيص ...
قال ـ كثر الله فوائده ـ: أقول لا معارضةَ ... إلخ.
أقول: قد أطال ـ عافاه الله ـ والكلام مع من زعم المعارضةَ وقد دفعتُه وأجبتُ عنه وزيَّفتْهُ فلم يبقَ للكلامِ على ذلك مدخلٌ إلا مجرَّدَ الإيضاحِ لما أوردتُه ...
قال ـ عافاه الله ـ: هذا ليس في الحديث ...
أقول: نعم لم يكن ذلك في الحديث لكنَّه وقع في كلامَ مَنْ زعم التعارُضَ فأوردناه كما أوردَه، وحكيناه عن قائلِه، فليس هاهنا ما يوجب العجبَ، فقد أسندنا القولَ إلى قائلِه، وتعرَّضنا لتأويلِه ودفْعِه. ومع هذا فتوصيفُ نهرينِ من الأربعةِ بالظهور يفيدُ توصيفَ النهرينِ الآخرينِ بما يقابلُه، وهو كونُهما باطنينِ، فما وقع في تلك الحكايةِ من قول المحكيِّ عنه، وأما الباطنانِ فسيحانُ وجيحانُ هو مستفادٌ من كلام النبوةِ، وإن لم يكن منطوقًا به من النبيِّ ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ فانتفي سببُ العجبِ فضلاً عن