رجوِعكم إلىَّ أوقعتُ الحكمَ بينكم فيما كنتم فيه تختلفون. فهذا الحكمُ قد تقيَّد بوقتِ الرجوعِ، ولا ريب أن الرجوعَ إلى الله هو بعد المفارقةِ لهذه الدارِ، فلا يصح أن يكون من جملةِ المحكومِ به عذابُ الدنيا الذي قد مضى وانقضى في تلك الحال [4]، وليس الحكم هو مجرَّد الإخبارِ حتَّى يقال أنه أخبرَ بذلك خبرًا خاليًا عن الحكم، بل المرادُ إيقاعُهُ للحكم حينئذٍ، كما هو المشعورُ به من الصيغة والتركيبِ.

ولا أقول أن المعنى كما ذكره السائلُ ـ كثر الله فوائدِه ـ في هذا السؤالِ، وهو أن قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ} إلخ بيانٌ لقوله تعالى: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ} إلخ، لأنَّ البياناتِ لا تجيء على هذه الصيغة، بل لا بد من توسيطِ تقديرِ السؤالِ والحكمِ على الجملة بالاستئنافِ، فتكون منفصلة عن قوله: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ} بخلاف ما لمح إليه السائل ـ عافاه الله ـ فإنه يوجبُ أن تكون متصلةً، وهذا يحتاج إلى مزيدِ تدبُّر لما قُرِّرَ في علمِ المعاني من أحكامِ الوصل (?) والفصل. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015