الأول: أن هذا الفهمَ إنما هو تَبَعًا لا قصدًا.
الثاني: أن المعتبرَ هاهنا هو الفهمُ قصدًا.
الثالثة: أنه لا بد أن يكون كل واحد من المركب مدلولاً للفظٍ غيرِ اللفظِ الذي دلَّ على الآخر، وهذه الدعاوي لم تُرْبَطْ بدليلٍ، ولا شهد بها عقلٌ ولا نقلٌ، فيكفي في دفعها مجرَّدُ المنعِ كما لا يخفي على من له أدنى تمسُّك بعلم المناظرة ...
قال: ونظير ذلك ما صرَّحوا به من أن المشبَّه قد يُطوى ذكرُهُ في التشبيه طيَّا على سنَنِ الاستعارةِ، فلا يكون مقدَّرًا في نظم الكلام، فيلتبس بالاستعارةِ، فيُفَرَّقُ بينهما بوجهين:
أحدهما: أن لفظ المشبَّهِ به في التشبيهِ مستعملٌ في معناه الحقيقي، وفي الاستعارة في معناه المجازي.
الثاني: إن لفظ المشبَّه مقدَّر في الإرادة في صورةِ التشبيه دون الاستعارةِ كقوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ} (?) فإنه تشبيهٌ، إذ لم يُرِدْ بالبحرين الإسلامَ والكُفْرَ، بل أُريد البحرانِ حقيقةً، كما نشهد به سياق الآيةُ لمن له ذوقٌ سليم، وأريد تشبيهُ الإسلام والكفر بهما كأنه قيل: الإسلام بحر عذبٌ فرات، والكفر بحر مِلْحٌ أجاجٌ. فلفظ المشبَّه هاهنا مقدَّر في الإرادة دون نظم الآيةِ مغيرًا له، الشارح ـ يعني السعدَ ـ معترفًا بذلك