نعتذر معذرة على أنه مصدرٌ محذوفٍ, وقرئ بالرفع على أنَه خبرٌ لمبتدأ محذوف ـ أي موعظتُنا معذرةٌ إليه تعالى, بحيث لا ننسب إلى نوع تفريطٍ في النهي عن المنكرِ, وفي إضافة الربِّ إلى ضمير المخاطبينَ نوعُ تعريضٍ بالسائلين.

وقوله تعالى: {وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} عطفٌ على مقدَّر ـ أي ورجاءٍ لأَن يتَّقوا بعضَ التقاةِ, وهذا صريح في أَن القائلين {لِمَ تَعِظُونَ} ليسوا من الفرق الهالكةِ ... {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ} أي تركوا ما ذَكَّرَهم صلحاؤُهم تَرْكَ الناسي للشيء, وأعرضوا عنه إعراضًا كليًا لم يخطُرْ بباله شيءٌ من تلك المواعظِ أصلاٍ {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ} ومن الفريقان المذكورانِ, وتصدير الجواب بإنجائِهم للمسارعة إِلى بيان نجاتِهم من أول الأمر, {وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا} [7أ] بالاعتداءِ ومخالفةِ الأَمر {بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} أي شديد.

وصرح صاحب مدارك التنزيل (?) بأن المقولَ لهم هم الوعاظُ القائلينَ هم الصلحاء. وقال في تفسير: {وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا} أَنهم الراكبون للمنكرِ, وجزَمَ بـ (لأن) الذين قالوا {لِمَ تَعِظُونَ} هم من الناجينَ, وروى عن الحسن أَنه قال: نجت فرقتانِ, وهلكت فرقةٌ, وهم الذين اتخذوا الحيتانَ.

وقال محمد بن جُزيّ في التسهيل (?) في تفسير الآية: (افترقتْ بنو إسرائيلَ ثلاثَ فِرَق: ـ فرقةً عصتْ بالصيدِ يومَ السبت، وفرقةٌ نهتْ عن ذلك، وفرقةً سكتتْ واعتزلتْ لم تنهَ، ولم تعص، ـ وإن هذه الفرقةَ لما رأت مجاهرةَ الناهيةِ، وطغيانَ العاصيةِ قالوا للفرقة الناهية: (لم تعظونَ قومًا يريدُ الله أن يُهْلِكَهم أو يعذّبهم).

فقالتِ الناهيةُ: ننهاهم معذرةً إِلى الله، ولعلهم يتقون، فهلكتِ الفرقةُ العاصِيةُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015