فلا وأبى الطير المُرِبّة في الضُّحى ... على خالدٍ لقد وقعت على لحمِ

حتى كان يقول: ما أبلغَك يا بيتُ المُرِبَّة! وغاية ما في هذا البيت دلالةُ اللحم على عِظَمِ حال الرجلِ، وكِبَرِ شأنِه، فكنَّى عن ذلك باللحم، ونكَّره تنكيرُ التفخيم، فمن أين جاء هذا التعجُّبُ من بلاغته، والاستعظام لشأنه! من هذا الذي بلغ من معرفة لغة العرب ودقائقِها وأسرارِها ما لا يقعُ في مثله اختلافٌ، وليس فيه إلاَّ معنى كنائيُّ مطروقٌ معروفٌ. ألا قال مثلَ هذه المقالةِ في مثل قولِ القائل (?):

إن السماحةَ والمروءةَ والندى ... في قبةٍ ضُرِبَتْ على ابن الحشرج (?)

فإن هذا قد بلغ من فصاحة اللفظِ، وبلاغة المعنى، وجودةِ الكنايةِ، وتعدَّد المعاني ما هو فوقُ ذلك بمسافات بعيدةٍ، وإن كان تعجبه واستحسانُه باعتبار ذكرِ الطير [1ب] وكونِها مرَّتْ بهِ في ذلك الوقتِ على ذلك القتيل فأعجبُ من هذا، وأغرب، وأحسن،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015