القراءة ليس على ما ينبغي, فإنْ قلتَ: لعله استرجحَ مذهبَ مَنْ قالَ إنَّ الواوَ تقتضي الترتيبَ.
قلت: بمكن ذلكَ, ولكنه لا يخفى أنَّ أئمةَ العربيةِ إذا اختلفوا في شيء, وذهب جمهورُهم إلى أمرٍ, وخالفَهُمُ الأقلُّونَ كان المصيرُ إلى مذهبِ الجمهورِ أوْلَى, لأَّنهم بمنزلةِ مَنْ يروي لنا ذلكَ الأمرَ عن أهل اللغةِ, والكثرةُ من المرجَّحَاتِ, ولا سيمَّا إذا كانتْ متمسَّكاتُ الأقلِّينَ ضعيفةً, ومُتمسَّكاتُ الأكثرينْ قويَّةً كما في مسألة السؤالِ, مع أنه لو فُرِضَ استواءُ المذهبينِ لكانت تلك القرينةُ بمجرِّدها مرجِّحةً, وليس هذا من إثباتِ اللغةِ باالترجيحِ والاستدلال, بل من إثباتِ المدلولِ بذلكَ, وهو جائزٌ [2]. وابنُ جغمان قد أقرَّ في كلامِهِ المذكورِ بأنَّ فائدةَ النَّفثِ التبرُّكُ بالهوى, والنَّفْسُ المباشِرُ للرُّقيةِ والذِّكر الحسنِ ... إلى آخر كلامِهِ. وذلكَ يستلزمُ أنَّ النَّفْثَ بعدَ الذِّكرِ المذكورِ, لأنَّ هذه الخصوصيةِ إنما تحصلُ بعَده, فلا يناسبهُ الجزمُ بتقديمِ النَّفْثِ على القراءةِ.
فإن قلتَ: يمكن أنْ يُقالَ أنَّ تلكَ الخصوصيةِ قد حصلتَ للهوى بالتكبير, والتسبيح والحمد المذكورةِ في أول الحديثِ.
قلت: لا يصحُّ ذلك, لأنَّ روايةَ التكبير (?) والتسبيح والحمد روايةٌ مستقلِّةٌ, ليس فيها ذكرُ النَّفثِ والمسحِ. والمقيَّدُ بذلك إنما هى الروايةُ الثانيةُ (?) التي فيها تلاوةُ الصَّمدِ, والمعِّوذتينِ كما في البخاري, ومسلم, وأبي داود, والترمذي, والنَّسائي, وإنما ذكرَ الجزريُّ (?) أحَدَ الحديثينِ عقيبَ الآخرِ, لأنَّه بصددِ الجمعِ بين الأدعيةِ التي تُقالُ عند النومِ كما جرتْ بهِِ قاعدتُهُ, ويوضح ذلكَ أنَّ حديثَ قراءةِ الصمدِ, والمعوذتينِ من روايةِ عائشة كما في الأمهات الست, وحديث التكبير والتحميد والتسبيح من رواية علي