وأقول: أمَّا الطرفُ الأولُ فالجواب عليه أنَّ المستأجِرَ أرادَ بقولِهِ المأثورةَ نوعًا من الصلاةِ خاصًّا فلا يُجزي الأجيرَ إلاَّ فعلُه دونَ غيره، ولا يستحقُّ الأُجْرَةَ إلاَّ بهِ، ولكن فرَّطَ المستأجرُ بعدمِ البيانِ، والأجيرُ بعدمِ الاستفصالِ؛ فلا يستحقُّ الأجيرُ لما فعلَه أَجْرَهُ، فإذا وقعَ الخلافُ بينَهما بعد أن فعلَ الأجيرَ الصلاةَ التي ذكَرَها السائلُ ـ حفظه الله ـ فقال المستأجرُ: أردتُ نوعًا خاصًّا من الصلاةِِ المأثورةِ، وأنكر الأجيرُ، فإنْ نظَرْنَا إلى الأصلِ، والظاهرُ فهما يقضيانِ بأنَّ قولَ الأجيرِ، لأنَّ المستأجِرَ مدعي إرادة نوع خاصٍّ، فهو كالمعيَّنِ، ومن عيَّن بيَّنَ، ولكن لما كانت الإرادةُ مما لا يمكنُ إقامةُ البيِّنةِ عليهِ لكونِها من الأمورِ القلبيةِ، وهي لا تُعْرَفُ إلا مِنْ جِهَةِ صاحِبها كان القولُ قوله مع يمينه، (?) لا يقال مجرَّدُ تَرْكِ البيانِ من المستأجِرِ يوجِبُ عليهِ أُجْرَةَ المِثلِ، لما فعله الأجيرُ [1] من الصلاة لإيقاعِه الأجيرَ بذلكَ التَّركِ في نوعٍ من أنواعِ اللَّبسِ، وهو ينزَّلُ منزلةَ التعزير (?): لأنا نقول: الأجير جان على نفسه بترك الاستفصال؛ فلا يبقى لما فعله الغير به تأثير مع فعل نفسه فلا يستحق أجره هذا على فرض إرادة المستأجر نوعًا خاصًّا من الصلاة المأثورة وأما إذا أراد ما يصدق عليه أنه صلاة شرعًا فهذه الصلاة المذكورة في السؤال صلاة شرعية، وسلام شرعي، فيستحق الأجير جميع الأجرة المسماة لأنه قد فعل الصلاة والسلام على النبي ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ، وذلك المفعول فرد من الأفراد التي يصدق عليه مطلق قوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015