يقول إن حديث: " أنا سيد ولد آدم " عام مخصص بموسى ويونس بن متى، وهذا بعيد جداً، لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إذا كان سيداً لمثل إدريس وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، وسائر أنبياء بني إسرائيل الذين آخرهم عيسى - صلوات الله عليهم جميعاً وسلامه وهم بين الجلالة والفضيلة بمنزلة يتقاصر عنها الوصف، فكيف ينهى عن تفضيله على موسى ويونس! مع أنه قد ثبت عنه أنه لو بعث موسى في زمانه لتمسك بشريعته، وتحقق باتباعه - فبالأولى يونس مع أن يونس بن متى - عليه السلام - هو من أنبياء إسرائيل المقتدين بشريعة موسى - عليه السلام -، المقتدين بالعمل بالتوراة كما يعرف ذلك من له اطلاع على كتاب نبوته، فإنه كتاب مفرد من جملة كتب أنبياء إسرائيل المشتملة على ما أوحاه الله إليهم في أيام نبوتهم، وما وقع بينهم وبين قومهم.
ومع هذا فقد ثبت النهي عن المفاضلة بين الأنبياء على العموم (?)، وإن كان الله - سبحانه - قد فضل بعضهم على بعض كما نطق به القرآن الكريم، لأن علمه - سبحانه - محيط بكل شيء، فهو يعلم المفاضلة بين عباده فضلاً عن أنبيائه، بل يعلم ما تضمره القلوب، وتنطوي عليه الجوانح، وتوسوس به النفوس (?)
وقال سبحانه وتعالى: (يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون) [التغابن: 4].
وقال تعالى: (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) [غافر: 19].
وقال تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه) [ق: 16].