وأما العمال والقضاة الذين صاروا يتولون البلاد في هذه الأعصار، فهم من أعظم الأسباب الموجبة لنزول العقوبة، وتسليط الأعداء، وذهاب البلاد والعباد، وسفك الدماء واستحلال الحرام، وكيف لا يقع هذا التسليط وعامل [11ب] البلاد على الصفة التي قدمنا ذكرها؟! ومن أول مساوئه، ومعاصيه، ومعاندته لله، وتعرضه لغضبه وسخطه أنه يطلب تلك الولاية بأموال، يقدمها من أموال المرابين، فيقع في الربا الذي هو من أعظم المعاصي الموجبة للحرب من الله، قبل أن يخرج من بيته، ويقبض مرسوم ولايته، وقد يكون الذي ولاه عالما بأن ذلك المال هو عين الربا، فيقعان جميعا في غضب الله ولعنته، قبل المباشرة للولاية.

وإذا كان هذا أول ما تفتتح به هذه الولاية الملعونة، فما ظنك بما يحدث بعد ذلك من الظلم والجور والعسف، وإهمال ما أخذه الله على الولاة، من إرشاد الضال من الرعايا، وهداية الجاهل؟! وهكذا ولاية القاضي الشيطان في هذه الأزمان، فإنها تفتتح بشيء من السحت يدفعه هذا القاضي الذي هو من قضاة النار (?) إلى من ولاه بعد أن يستعين بالشفعاء، فكيف يفلح قاض جاهل للشرائع اشترى هذا المنصب الديني بماله، وقام في حصوله له وقعد، مع أن الشارع نهى عن يتولى القضاء من طلبه فضلا عمن اشتراه [12أ] بماله (?)!.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015