للمعتزلة (?) في قولهم الفاسد: إنه سبحانه وتعالى أراد هداية الجميع، جل الله أن يريد ما لا يقع، أو يقع ما لا يريد. انتهى.

أقول: هذه المسألة قد طال فيها النزاع بين الأشعرية (?) والمعتزلة وتمسك كل منهم بظواهر قرآنية، وكلامهم يعود إلى مسألة خلق الأفعال (?)، وفيها من الكلام واختلاف الأقوال ما هو معروف، والمذهب الحق الذي لا يتمذهب به إلا أهل التوفيق: هو ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين من الإيمان بما جاء به الكتاب العزيز والسنة المطهرة وإمرار الصفات على ظاهرها من دون تعرض لتأويل ولا اشتغال بتطويل.

وقد أوضحت ذلك في الجواب الذي أجبت به على السؤال الوارد من علماء مكة المشرفة وسميته: " التحف في الإرشاد إلى مذاهب السلف " (?)، فمن وقف عليه وفهمه حق فهمه وضع عن ظهره عباء (?) ثقيلا وأماط عن قلبه كربا طويلا، والمهدي من هداه الله، بيده الخير كله دقه وجله.

وفي قوله: " فاستهدوني أهدكم " دليل على أنه ينبغي لكل عبد من عباد الله سبحانه أن يسأله الهداية له إلى ما يرضيه منه، فمن هداه الله فاز لأنها إن كانت الهداية:

1 - بمعنى إرادة الطريق، كما في قوله سبحانه: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} فكل عاقل لا يختار لنفسه بعد أن يرى طريق الحق وسبيل الرشد إلا سلوكه والمرور فيه، فإن اختار طريق الضلالة فهو معاند واقع في الشر على علم به واختيار له، وليس بعد هذا في عمى البصير وفساد العقل شيء، وعلى نفسها تجني براقش (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015