قوله: " فلا تظالموا ".

بفتح المثناة الفوقية، وأصله: تتظالموا، فحذفت إحدى التاءين كما في نظائره، وفيه زيادة تأكيد لقوله: وجعلته بينكم محرما، وإشعار بالتغليظ، والمراد لا يظلم بعضكم بعضا [ .... ] (?).

قوله: " يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ".

أقول: هذه العبارة الربانية قد أفادت العموم، وأن ذلك شأن كل عبد من عباد الله سبحانه كما تفيده إضافة العباد إلى الضمير، فإن ذلك من صيغ العموم، ثم زاد ذلك شمولا وإحاطة التأكيد بلفظ كل ثم الاستثناء فإنه لا يكون إلا من عموم شامل، فالكلام متضمن للحكم على كل عبد من العباد بالضلال إلا من هداه الله، وأن ذلك أصلهم الذي جبلوا عليه.

قال النووي في شرح مسلم (?) قال المازري (?) ظاهر هذا أنهم خلقوا على الضلالة إلا من هداه الله تعالى، وفي الحديث المشهور: " كل مولود يولد على الفطرة " (?).

قال: فقد يكون المراد بالأول وصفهم بما كانوا عليه قبل مبعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أو أنهم لو تركوا وما في طباعهم من إيثار الشهوات والراحة وإهمال الفطر لضلوا [إلا من هداه الله] (?)، وهذا الثاني أظهر. انتهى.

أقول: المجمع (?) بين الحديثين ممكن، فإن أصل كونهم مولدين على الفطرة، لا بد معه من القيام بما شرعه الله لعباده في كتبه المنزلة على لسان رسله المرسلة، فالعباد قبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015