فالحاصل أن خصلتي الصبر والحلم يجتمعان في كون كل واحدة منها خصلة فاضلة موجبة للأجر، محبوبة إلى الله وإلى رسوله، وأما مقدار الأجر والثواب فالصبر أكثر أجرا وأوسع جزاء، وأعظم مثوبة. والله أعلم.
فإن قلت: المفهوم [2أ] الثاني الذي ذكره صاحب التعريفات للحلم وهو قوله: وقيل: تأخير مكافأة الظالم، ما النسبة بينه وبين المعنى الأول من معنيي الحلم الذي ذكره؟
قلت: الظاهر أن هذا المفهوم هو بالنسبة إلى الله تعالى (?)، كما أن المعنى الأول هو بالنسبة إلى البشر، كما يفيد ذلك ما تقدم ذكره. وعلى فرض أنهما بالنسبة إلى البشر فلعل النسبة بينهما العموم والخصوص من وجه، لأن الطمأنينة عند سورة الغضب قد تكون مع مكافأة متأخرة، وقد يكون لا تقع مكافأة أصلا، وتأخير المكافأة قد تكون مع حضور غضب عند الابتداء، وقد لا يكون مع ذلك، فكان بينهما عموم وخصوص من وجه.
فإن قلت: ما النسبة بين هذا المعنى الأخير الذي ذكره صاحب التعريفات للحلم، وبين المعنى اللغوي؟
قلت: العموم والخصوص المطلق، فإن الأناة والعقل قد تتأخر معهما المكافأة، وقد لا تقع مكافأة بخلاف تأخير المكافأة، فإنه نوع من الأناة ولا يصح أن يوجد بدونها،