ذلك بترك الشكوى عند ألم البلوى لغير الله أو بترك نوع من أنواع الجزع غير ذلك.
فإن قلت: فما النسبة بين معنى الحلم عند أهل اللغة، وبين معناه على كلام صاحب التعريفات؟
قلت: العموم والخصوص المطلق أيضا، فإن الحلم وهو الأناة والعقل قد يكون عند سورة الغضب، وقد يكون عند غيرها، فإن كان المفهوم الذي ذكره صاحب التعريفات للحلم والصبر هو باعتبار الاصطلاح فلا مشاحة فيه، وإن كان باعتبار اللغة فهو غير صحيح ولا مقبول.
إذا تقرر هذا فالصور التي يقال لها صبر (?)، ويقال لها حلم لا سؤال عنها، لأنها تتناولها أدلة الثناء على الصبر، وأدلة الثناء على الحلم، كما يصدق عليها أنها حلم، ويصدق عليها أنها صبر.
وأما الصور التي هي صبر وليست بحلم، والصور التي هي حلم وليست بصبر فكلها خصال فاضلة قد ورد الثناء عليها وعلى صاحبها في الكتاب (?) والسنة (?). وورد الترغيب فيها، وكثرة الثواب لفاعلها. لكن الأدلة الواردة في الترغيب في الصبر أكثر، لا سيما في الكتاب العزيز، فإن الآيات في ذلك كثيرة جدا لو لم يكن منها إلا قوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (?) فإنه لم يرد في جزاء الحلم وأجره ما يدل