يرفع فائدة ذلك، ويقتضي عدم النفع به؟ ومعلوم أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أعلم بربه، وبقضائه وقدره، وبأزليته وسبق علمه بما يكون في بريته. فلو كان الدعاء منه ومن أمته لا يفيد شيئا ولا ينفع نفعا لم يفعله، ولا أرشد الناس إليه وأمرهم به، فإن ذلك نوع من العبث الذي يتنزه عنه كل عاقل فضلا عن خير البشر وسيد ولد آدم.
ثم يقال لهم: إذا كان القضاء واقعا لا محالة، وإنه لا يدفعه شيء من الدعاء والالتجاء والإلحاح والاستغاثة، فكيف لم يتأدب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مع ربه! فإنه قد صح عنه أنه استعاذ بالله - سبحانه - من سوء القضاء كما عرفناك، وقال: "وقني شر ما قضيت" (?). فكيف يقول هؤلاء الغلاة في الجواب عن هذا! أو على أي محمل يحملونه!.
ثم ليت شعري علام يحملون أمره - سبحانه وتعالى - لعباده بدعائه بقوله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (?) ثم عقب ذلك بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (?)