وكذلك لو ذهب جمال من كان محبوبا لأجل جماله، أو انتقض من كان محبوبا لأجل انبساط أخلاقه، فلا ريب أن هذه المحبة من الأغراض الساقطة، وهمه من أتعب نفسه لأجلها، واقتحم في تحصيلها مهالك الرياء أسقط وأسقط فلم لذي الهمة الرفيعة والقدر السامي إلا اطراح الطلب لذلك، والاشتغال بالأغراض الأخروية، فيجعل جهاده وصدقته وتعليمه وحسن خلقه، وسائل خصاله الخيرية لله - جل جلاله -، ولا يبالي بمن أوصل الخير إليه أشكر أم كفر، صدق أم غدر، مع أنه إذا أخلص النية كان التأثير في النفوس أوقع، وحصول المنافع الدنيوية لمن لم يقصدها أسرع، فإن ستر المرائي مبتوك، وحبل طالب الدنيا بأعمال الدين مبتوك، بخلاف المخلص فإنه أخص بأعماله من أقواله وأفعاله جناب من تعد أزمة الأمور، ومن هو المصرف لقلوب عباده كيف يشاء، ومن نظر في سر الإخلاص علم أن من لم يخلص لم يؤت إلا من قبل نفسه، والفطرة التي تهدي إلى الخير هي هلكة [5ب] العقل، وبها دارت عليه دوامة التوفيق (?).