الأحمال الثقال، وتستقصر المسافات الطوال، كما ذلك معلوم من حال الإبل [10] عند سماع الحادي المجيد، وربما أفضى ذلك إلى تلفها، وأيضًا لو سلم أن السماع بمجرده ليفضي إلى الشراب في حق قريب العهد به، فإنما يحرم استعمالها في حق من كان كذلك، أما من لم يكن قد شربه أصلا إذا كان قد شربه، ثم تاب وحسنت توبته، وطالت مدته فلا تشمله العلة، وهذا هو الجواب عن الدليل الثاني.

والجواب عن الثالث المنع عن من كون ذلك شعارًا مختصًا بأهل الفسوق، لأن غيرهم من أهل العفة والنزاهة، قديمًا وحديثًا، يقع منهم الاجتماع على السماع كما قدمنا حكاية ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين، فمن بعدهم.

وقد استدل المجوزون على ما ذهبوا إليه بأدلة منها قوله تعالى: {ويحل لهم الطيبات ويحرم} (?) ووجه التمسك أن الطيبات جمع محلى باللام فيشمل كل طيب، والطيب يطلق بإزاء المستلذ وهو الأكثر المتبادر إلى الفهم عند التجرد عن القرائن، ويطلق بإزاء الظاهر والحلال، وصيغة العموم كلية تتناول كل فرد من أفراد المعاني الثلاثة كلها، ولو قصرنا العام على بعض أفراده لكان قصره على المتبادر هو الظاهر.

وقد صرح ابن عبد السلام في دلائل الأحكام أن المراد في الآية بالطيبات المستلذات. ومن الأدلة قوله تعالى: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم} (?) وقال: {لتبين الناس ما نزل إليهم} (?) قالوا: ولم يرد نص من كتاب فيه تفصيل تحريمه، ولا سنة صحيحة، كما سبق ذلك عن حكاية جماعة من العلماء.

ومن الأدلة التي ذكروها الإجماع على تحليل السماع (?) مطلقًا. قالوا: وذلك لأنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015