ثم لو سلمنا عدم دليل يدل على إجبار اليهود لم يكن ذلك موجبًا لسقوط الإنكار، ولم يعول من أقر المسلمين على ذلك من علماء هذه الديار، إلا على نوع من أنواع المناسب (?)، وكونه من ذلك محل نزاع، بل كون المناسب حجة ما عدا الضروري منه قول مرجوح لمن أنصف ولم يقلد، فكيف يصلح التمسك بذلك في مقابلة الإجماع والنصوص ولقد جعل الصادق المصدوق عامة عذاب القبر من البول، وقال: "وما يعذبان [10] في كبير، بل إنه كبير" (?)، كما ثبت في بعض روايات الصحيح، (?) ولا شك أن نجاسة العذرة أخبث من ذلك وأقذر، وهذا بمجرده كاف في منعكم للمسلمين عن ذلك؛ فتدبروا - طول الله مدتكم -.
قال: ثم يقول بعد ذلك: إنه لا فرق عند من له فهم بين إخراج الحشوش، ووضع ما فيها في الأموال، وبين التقاط الأزبال، ووضعها في ملة الحمام. وقد أباح الشرع الأول، ولم يمنع من الثاني، ولم يأمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بإخراج الحشوش، ولا بالتقاط الأزبال إلى الحمامات، ولا أحد من الصحابة، ولا الخلفاء الأربعة.
أقول: إباحة الشرع الأول أعني: إخراج الحشوش، ووضع ما فيها ممنوع والسند أنها لم تكن في المدينة في عصره، ولا في بلاد العرب المجاورين لها، ولهذا ثبت عن عائشة