والأمُّ تصيرانِ كبنتين استوفَيا الثلثينِ، ولا فرضَ لبنتِ الابنِ من غيرِ الثلثينِ كان الباقي للعصَبَةِ. انتهى.
أقول: انظر إلى هذا الاجتهادِ الذي هو شبيهٌ بِلَعبِِ الصبيانِ، حكمَ بكون البنتِ عصَبَةً فأخرجَها عن أهل الفرائضِ، ثم حكمَ برجوعِها إلى أهل الفرائضِ فقصَرَها على فَرْضِها الأصلي، ثم تردَّد في بنتِ الابنِ، هل هي عصَبَةٌ للبنتِ التي عصبةٌ، فتأخذُ الباقي أم ليست بعصبة؟ فيكون الباقي لعصبةِ غيرِها. وهكذا حالت من تعمَّد مخالفةَ النصوصِ؛ فإنَّه يصير كلامُهُ المؤسَّسُ على محضِ الرأي خالصا عن قانونِ المعقولِ والمنقولِ عقوبةٍ من الله- عز وجل- لمن لم يقفْ حيث أوقفه.
فانظر كم الفرقُ بين هذه الطريقةِ العوجاءِ وبين عمل القائلينَ بالعول! فإنَّهم لما وجدُوا النصوصَ من كتاب الله- سبحانه- قد قضتْ بأن للزوج الرٌُّبُعَ مع الولدِ، وللأمِّ السدسَ معه أيضًا، وللبنت النِّصفُ، ولبنتِ الابنِ السدسَ تكملةَ الثلثينِ كما في حديث ابن مسعودٍ السابقِ الثابتِ في الصحيحِ (?) أخذُوا بهذه النصوصِ الواردةِ، ولم يقدِّموا بعض أهل هذه الفرائضِ على بعض؛ لأنَّ هذه الأدلةَ لم يثبتْ تقييدها بقيود تسوِّغُ تقديم بعضِ أهلِها على بعض، ولكن لما كان المالُ لا يتَّسعُ لجميعِ هذه الفرائضِ أعطُوْا كلَّ وارثٍ بمقدارِ فريضتِه من المال، ودخل النقصُ على الجميعِ [15ب] لأن الضرورةَ أوجبتْ ذلك، استعملوا النصوصَ بحسبِ الإمكانِ، ولم يهملوا شيئًا منها.
ومثَّل عولَ خمسةَ عشرَ (?) بزوجٍ وأبوينِ وابنتينِ. وقال: تكون البناتُ عصَبَةً مع