بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله وسلم وبعد:
فإنه وصل إلي سؤال في شهر القعدة سنة 1207 هـ، كراسة فيها اختلاف بين حكام المخلاف السليماني من ولاية أبي عريش، وسألوني أن أحكم بينهم في القضية التي تعد، وصفتها أن رجلا مات وخلف أخا، وأوصى بجميع ماله، ثم كتب وصيته بعض حكام ذلك القطر، وأمره أن يقتصر على الثلث لتصح الوصية، فاقتصر عليه، وقامت شهادة متكاثرة أن الموصي قال في مرضه الذي مات فيه، وفي حال صحته: لأحرمن أخي الميراث، فرجح بعض حكام ذلك المحل بطلان هذه الوصية، وإن كانت بالثلث لاشتمالها على الضرار الذي حرمه الله، واستدل على ذلك بأدلة، ورجح بعضهم صحتها بالثلث؛ لأن القربة غير شرط، وقد جعل الله للميت ثلث ماله يتصرف فيه كيف شاء.
والكلام في المسألة معروف مدون في مواضعه، ولكني أذكر منها ما هو الراجح عندي وأبين ما دلت عليه الأدلة باعتبار العمل الأصولي.
فأقول: قد وردت أدلة قاضية بجواز الوصية بالثلث لمن كان له وارث، منها حديث ابن عباس أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: " الثلث، والثلث كثير " متفق عليه (?)، وحديث سعد بن أبي وقاص بنحوه عند الجماعة (?) كلهم، ونحوها.