وإما بقياس العلة بأن يقاس الرجل المقذوف على المقذوفة في وجوب الحد بجامع أن النساء شقائق الرجال، وبحكمه هو الزجر عن الأعراض لمصلحة صيانتها عن الانتهاك بافتراء ما يغض منها، فإن صيانة الأعراض مقصودة للشارع كصيانة الدماء والأموال؛ ولذا تراه يجمع بينها في النهي والحث على احترامها، فشرع في جميعها حدودا من قصاص وجلد، وقطع للزجر، ولكن لما كانت حكمة الزجر في المعاصي، ومناسب الصيانة قد تتفاوت ولا تنضبط، وتخفى معرفة القدر المعتبر منها للشارع ضبطها بمظان مخصوصة لا تتفاوت في محالها المعروفة كالجراحات الخاصة للقصاص، والسرقة للقطع، والقذف بالزنا للجلد، وحكمة الأول الزجر وصيانة المال والدماء، والثاني الزجر وصيانة المال. والثالث الزجر وصيانة العرض، وقس عليه صيانة النسب في الزنا، والزجر عنه، وغير ذلك في أن الزجر لم يكن منضبطا وكان يختلف القدر المعتبر للشارع فيه ضبط بمظنة مخصوصة، وإذ قد ضبطت الحكمة بمظان مخصوصة صحيحة فلا يضر تفاوت الحكمة في مناسبة الزجر، أعني دفع النقيصة إذا زادت نقيصة عرض المرأة على عرض الرجل كما أنه لا [ ...... ] (?) بزيادة مباحث الزجر في الزنا والسرقة.
والقذف كالزنا بالمحارم، وسرق الكعبة، وقذف الفضلاء، حيث لم يربط إلا بمطلق الزنا والسرقة والقذف بالزنا، وأما ادعاء أنه لا نقيصة بالزنا في عرض الرجل فغير مقبول فإنه لا بد أن تشمئز منه العقول، وقد سماه الله فاحشة ومقتا، ولا التفات إلى ما سمع من بعض خلعاء الشعراء العرب الذين يتبعهم الغاوون (?) ويقولون ما لا يفعلون، ويعتقدون أن أحسن الشعر أكذبه؛ فيحسنون القبيح، فإن أخرجوه في مخرج الاستحسان [3أ] فهو من عظيم كذبهم والبهتان ثم قد يعارض ذلك بالكثير من قول حكمائهم في