ولما صح عن جلة من السلف من كراهتهم للخلاف للجم الغفير، وذمهم له، وحرصهم ملاحظة اتباع الجماعة على كل حال ونحو هذا من المآخذ السمعية الدالة على كون ذلك حجة ظنية، ومن النظر أيضًا غلبة الظن، فإن الغالب عدم خلو الحق عن مطلق الجماعة، وأن تواطؤهم على أمر، وتوافقهم عليه لا يكون إلى لمستند صحيح، فمثل هذا الإجماع لا يقصر عن ظواهر الأدلة التي لا يعتمد فيها على كثير من الظن للحق، وبمثل هذا الإجماع يحصل به ظن أن ما قالوه حق، وتجويز المخالف فيه لا يخدش في هذا الظن بعد ما سنذكره من شدة البحث عنه في مظانه (?) نعم وأما اشتراط قطعية الإجماع في صحة الاستدلال به فلم ينتهض عندي وجهه، وانقسام الإجماع إلى قسمين (?) معروف.