في نكوله عن الشهادة، بل ولا هو من التعريض له كما زعمه بعض أهل الفقه.
ثم ما معنى ما وصفه من نكول زياد عن الشهادة، فإنه قد شهد بما رآه، ووصف وصفًا يحكي به الهيئة التي شهد عليها [3ب]، وقال كما في بعض الروايات (?) رأيت نفسًا يعلو، واستًا تنبو، ورجلين من ورائه كأنهما رجلا حمار. وفي روايات آخرة: قال بما هو أدق وصفًا من هذا، ولكنه لم يشهد على أنه رأى ذكره في فرجها كالمرود في المكحلة، والرشاء في البئر. ولقد كان المغيرة يقول للشهود الأولين عند أن ذكروا أنهم رأوه كالمرود في المكحلة: لقد ألطفتم النظر ولو كنتم بيني وبينها لما أدركتم أين ذاك مني من ذاك منها. ونعم لعمري لقد ألطفوا النظر إلى حد لا يقدر عليه من هو عند المجامع في مكان الجماع، فكيف بمن أشرف من داره إلى دار جاره فكشفت الريح عن سترة ظهر خلفها رجل قاعد بين شعب امرأة يجهدها فهل يدرك مثل هذا المرود في المكحلة، ويشهد على ذلك! فلا معنى لما ذكره من نكول زياد عن الشهادة كما لا معنى لما ذكره من رغبة عمر.
نعم مجرد الرغبة في ستر من أتى شيئًا من هذه القاذورات قد ورد في الشرع، ولكن الشأن في رغبة بعد الرفع إلى الإمام تقتضي نكول الشاهد عن شهادته، فليس هذا من الرغبة في مطلق الستر، ولا من الميل إلى درء الحدود بالشبهات.
قال: حتى روي (?) أن عليًا قال: إن حددتهم فارجم المغيرة، وفي رواية: فأعط صاحبك حجارة. ولا وجه لترتيبه رجم المغيرة على حد الثلاثة.
أقول: هذا الكلام من النمط الذي قبله. إما خبط ومجازفة، أو مغالطة ومراوغة، فإن عليًا إنما قال هذه المقالة عند أن أراد عمر أن يجلد أبا بكرة لما قال بعد جلده قولاً يدل على رمي المغيرة بالزنا فقال له علي: إن جلدته يعني جلدًا ثانيًا فارجم المغيرة، لأن