حيث قال ناعيًا ذلك عليه:

ألا أبلغ معاوية بن حرب ... مغلغلة من الرجل اليماني

أتغضب أن يقال أبوك عف ... وترضى أن يقال أبوك زاني

فأشهد إن رحمك من زياد ... كرحم الفيل من ولد الأتاني

وكانت هذه القضية من فواقر الإسلام، ولم يفعل غير معاوية من المسلمين كفعله، لا من قبله ولا من بعده، فلا أدري ما معنى قوله: وغير ذلك، فإن أراد ما يصف به أهل الفجور أنفسهم من الإقدام على معصية الزنا فليس مجرد نسبة العاصي إلى نفسه شيئًا من المعاصي يفيد أنه لا يرى غيره من أهل الإسلام بأسًا بنسبة ذلك إليه، هذا يعلمه كل عاقل فضلاً عن عالم. وقد نسب الفساق إلى أنفسهم ما هو أشد من ذلك كاللواط منهم وبهم وغير ذلك مما لا يرضى بنسبته إليه أقل أهل الإسلام دينًا، وأوضعهم نسبًا، وأضعفهم حسبًا.

قال: وذلك فارق يمنع قياس الرجل على المرأة.

أقول: قد عرفت أنه لم يأت بشيء يصلح للفرق بين الأصل والفرع، وهذا قياس لا مطعن فيه، ولا يرد عليه شيء من الاعتراضات المعتبرة عند أهل الأصول. وقد عمل عليه في إثبات الحد على قاذف الرجل المسلمون أجمعون كما عملوا على القياس في تنصيف الجلد الوارد في قوله تعالى: {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} (?).

قال: وأما النقل فليس فيه إلا ما يتوهم أن الذين آمنوا في قوله تعالى: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا} (?) يشمل الرجال، ولا ينتهض دليلاً [2ب]؛ لأن شيوعها فيهم عبارة عن لحوق عارها لهم، وعار زنا المرأة لاحق لرجالها ضرورة عرفية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015