الإجماع هو من النقل، فكأنه قال لم يبق بعد الإجماع الذي هو من النقل إلا النقل، ثم قال: أما القياس فلأن شرع جلد القذف ... إلخ.

أقول: تعليل مشروعية القذف بكونه لدفع النقيصة كما زعمه إن كان لنقل عن الشارع فما هو؟ وإن كان لنقل عن المتشرعين فباطل، فإنهم ما زالوا يجلدون قاذف الرجل كما يجلدون قاذف المرأة في أيام الصحابة فما بعدهم، وإن كان لمسلك من مسالك العلة المدونة في الأصول، فكيف تقريره حتى يتكلم عليه! وإن كان لنقل عن أهل الجاهلية فلا ينفعه ولا يضرنا؛ لأن كلامنا في الحد الثابت في الشرع لا فيما كان عليه أهل الجاهلية، فإنه لا شرع عندهم ولا حد، فليس مثل هذا الكلام يشبه كلام أهل العلم المتكلمين في الأحكام الشرعية فما لنا ولما كان يلحق العرب من جهة النساء، ثم لو قال قائل: إن حد القذف سبب مشروعيته حفظ الأعراض عن الشتم بهذه [1ب] المعصية كان ذلك أقرب مما جعله الغاية، سواء كان المسلك الذي سلكه هو تخريج المناط (?)، أو السبر (?) والتقسيم (?)، ومن زعم أنه إذا قيل للرجل المسلم: يا زاني لم يكن ذلك شتمًا، ولا يتأثر له المشتوم فقد أعظم الفرية على أهل الشرع.

قال: وأما الرجال فلم يكونوا يرون بأسًا، بل ربما كانوا يشببون أشعارهم به فجرًا كما قال رئيسهم امرؤ القيس:

فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع ... فألهيتها عن ذي تمائم محول (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015